رغم الأمراض والمجاعة.. السودانيون يعودون إلى العاصمة بحثاً عن بداية جديدة
رغم الأمراض والمجاعة.. السودانيون يعودون إلى العاصمة بحثاً عن بداية جديدة
دعت المنظمة الدولية للهجرة المجتمع الدولي إلى تقديم دعم عاجل لمواجهة التدهور الإنساني المتسارع في السودان، مع عودة أكثر من مليون شخص إلى ولاية الخرطوم خلال الأشهر العشرة الماضية رغم الأوضاع المعيشية القاسية.
وذكرت المنظمة في تقرير لها الثلاثاء أن هذه العودة جرت بين نوفمبر 2024 وسبتمبر 2025، مؤكدة أن العاصمة السودانية تشهد واحدة من أكبر موجات العودة منذ اندلاع الصراع وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وخلال زيارتها للبلاد، وصفت نائبة المديرة العامة للعمليات في المنظمة، أوغوتشي دانيلز، إصرار العائدين إلى الخرطوم بأنه مثير للإعجاب، لكنها حذرت من هشاشة الحياة هناك، مشيرة إلى أن الخدمات الأساسية شبه منهارة.
أوبئة تهدد حياة العائدين
أكدت دانيلز أن انتشار أمراض الكوليرا وحمى الضنك والملاريا في أنحاء السودان يجعل الاستثمار في المياه النظيفة والرعاية الصحية أكثر إلحاحا، موضحة أن كثيرين من العائدين يعيشون في مناطق تفتقر إلى شبكات الصرف الصحي والخدمات الطبية.
وأشارت إلى أن استمرار تفشي الأمراض يضاعف من معاناة السكان ويقوض جهود الاستقرار وإعادة الإعمار، داعية إلى تحرك دولي منسق لدعم البنية التحتية المنهارة.
نزوح واسع وعودة حذرة
بحسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة، نزح أكثر من ثلاثة ملايين وسبعمئة ألف شخص من ولاية الخرطوم منذ اندلاع الحرب في السودان، في حين يُتوقع أن يعود نحو 2.7 مليون شخص خلال الأشهر المقبلة إذا سمحت الأوضاع الأمنية والإنسانية بذلك.
وفي أنحاء السودان، سجل التقرير عودة 2.6 مليون شخص إلى مناطقهم الأصلية خلال الفترة نفسها، نصفهم تقريبا من الأطفال، وشمل ذلك أكثر من مليوني نازح داخلي ونحو نصف مليون عائد من الخارج، معظمهم من مصر وجنوب السودان وليبيا.
واقع إنساني هش
رغم المؤشرات الإيجابية للعودة، أكدت المنظمة أن الظروف المعيشية ما زالت صعبة للغاية، إذ يستقر كثير من العائدين في منازل مدمرة أو في مراكز إيواء مكتظة، مع محدودية كبيرة في الحصول على مياه نظيفة ورعاية صحية وخدمات حماية.
وأضافت المنظمة أنها تعمل مع شركائها المحليين والدوليين لتوفير المساعدات المنقذة للحياة وجمع البيانات الميدانية لتوجيه الاستجابة الإنسانية بشكل أكثر فاعلية.
دارفور المأساة مستمرة
في شمال دارفور، لا يزال الوضع الإنساني في مدينة الفاشر مأساويا، حيث فر أكثر من مليون شخص منذ بداية الحرب، وتشير المنظمة إلى أن القتال المستمر يعرقل إيصال المساعدات ويزيد من معاناة المدنيين، خصوصا النساء والأطفال.
دعوة لإسكات البنادق
وجددت المنظمة الدولية للهجرة دعوتها للاستجابة لنداء الأمين العام للأمم المتحدة بضرورة إسكات البنادق وإنهاء معاناة الشعب السوداني، مؤكدة أن الحلول الدائمة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر وقف القتال وضمان عودة آمنة وكريمة للمواطنين.
يعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم منذ اندلاع النزاع بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع في نيسان 2023، وأدى الصراع إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل البلاد وخارجها، في حين تواجه مناطق واسعة من البلاد خطر المجاعة وتفشي الأوبئة.
ورغم الجهود المحدودة للمنظمات الدولية، لا يزال التمويل الإنساني للسودان أقل بكثير من المطلوب، في وقت تتسارع فيه العودة غير المنظمة إلى العاصمة والمناطق المنكوبة، ما ينذر بأزمة إنسانية ممتدة ما لم يتحرك المجتمع الدولي بسرعة لتقديم دعم حقيقي ومستدام.
 
                 
                                        







 
                                                     
                                                     
                                                     
                                                    

